Actualités

الجمعية المغربية لتنمية المنتزه الجيولوجي لجبل باني (AMDGJB) تطرح تساؤلاً حول كيفية تثمين وتطوير فرص الشغل لفائدة المجتمع المدني في العالم القروي والمجال الواحي.

باعتبارنا الجمعية المغربية لتنمية المنتزه الجيولوجي لجبل باني التي تُدير المجال المستدام للمنتزه الجيولوجي لجبل باني، وبعد أكثر من عشر سنوات من العمل والتسيير، نُعرِّف أن المجتمع المدني، المنظم بموجب قانون 1958 بالمغرب والذي يتيح تنظيم وتقنين الجمعيات والتعاونيات بالمغرب، مُعرّفًا أن الجمعية المغربية تمنع، وفقًا لهذا القانون، توزيع الأرباح من جهة، وإن كان القانون يحدد إمكانية تعويض مناصب التسيير، إلا أن أعضاء الإدارة والمنخرطين لا يمكنهم إلا أن يكونوا متطوعين!

ومن ثم، واستجابةً لـ « إطلاق بحث ميداني حول التشغيل داخل جمعيات المجتمع المدني« ، يبدو لنا من المهم أولًا تحديد تطلعات المنخرطين إزاء هذا الوضع المُحبط فيما يتعلق بالمداخيل الممكنة، بالمقارنة مع سياق التعاونية أو ريادة الأعمال الذاتية أولا، وثانيًا كيف يمكن إدخال تحسينات مختلفة لتحفيز أكثر، ولخلق فرص شغل مستدامة، وفرص عمل مفيدة للتنمية البشرية!

كما أنه من الواضح أن المجتمع المدني بالمغرب، المنظم بموجب قانون 1958، يفرض قيودًا على الجمعيات فيما يخص التسهيلات لممارسة نشاط تجاري على شكل مؤسساتي لتقاسم الأرباح، إلا أنه يمكن تعويض مناصب التسيير، بينما يظل أعضاء الإدارة والمنخرطون عمومًا متطوعين.

وأمام هذا الوضع التقييدي، وبالمقارنة مع فرص الدخل التي توفرها التعاونيات وريادة الأعمال الذاتية، من الواضح أن تطلعات المنخرطين ترتكز على الحاجة لمعرفة السبل الممكنة لتحسين خلق فرص عمل مستدامة ومفيدة للتنمية البشرية داخل المجتمع المدني، خاصة لفائدة النساء والشباب ، وخصوصًا في المناطق القروية والواحية.

وفي هذا الإطار، نحدد أن تطلعات المنخرطين،

في مواجهة قيود قانون 1958

قد تتعدد تطلعاتهم، غالبًا بالمقارنة مع النماذج التعاونية أو ريادة الأعمال الذاتية، فيما يتعلق بالاعتراف غير المالي بمساهماتهم، بما أن التعويض المباشر محدود!

يتوقع المنخرطون اعترافًا قويًا بمساهماتهم من خلال أشكال أخرى من التثمين الاجتماعي، مثل تطوير المهارات، والشعور بالانتماء لمشروع يحمل معنى، ويوفر فرص البحث والتواصل، وغيرها.

ينتظرون أثرًا اجتماعيًا وبيئيًا ملموسًا، ففي غياب المكاسب المالية المباشرة، والتي لم تُعوض دائمًا بالاقتناع وحده، يطالبون بأن تساهم مشاركتهم في تحقيق المنفعة العامة، وفي حل مشكلات اجتماعية أو بيئية ملموسة!

يطالبون برؤية نتائج أنشطة الجمعية على أرض الواقع!

في مواجهة غياب الشفافية والحكامة الجيدة:

بما أنهم لا يستفيدون مباشرة من العائدات المالية، فلديهم تحفظ بشكل خاص تجاه الشفافية في تسيير الجمعية، ويتطلعون إلى حكامة أخلاقية وتشاركية.

في مواجهة نقص فرص الاحترافية غير المباشرة:

يرون أنه، حتى لو كانت العضوية تطوعية، ينبغي لأنشطة الجمعية أن توفر فرصًا لتطوير مهارات قابلة للتحويل، مما يتيح اكتساب خبرات، وقد يفتح الأبواب أمام فرص عمل داخل هياكل أخرى (بما في ذلك التعاونيات أو مبادرات ريادة الأعمال الذاتية).

في مواجهة نموذج اقتصادي مستدام وقابل للبقاء للجمعية

رغم أن الأعضاء متطوعون، إلا أنهم يحرصون على أن تتوفر الجمعية على موارد كافية لتحقيق مهامها وضمان استمراريتها. لذلك، يتطلعون إلى إدارة مالية سليمة واستراتيجيات تمويل مبتكرة.

المطالبة بالوضوح في الأدوار والمسؤوليات

أصبح الأعضاء يميزون بشكل متزايد بين المناصب الإدارية المدفوعة والأدوار التطوعية، مما يستدعي وضوحًا أكبر لتجنب أي لبس أو إحباط. لذا، يُطالب بتحديد أفضل لالتزامات ومساهمات كل فرد.

دعونا نحدد التحسينات الممكنة لجذب وخلق وظائف مستدامة ومفيدة للتنمية البشرية

من خلال تجربتنا الميدانية، نرى أن جعل الجمعيات أكثر جاذبية ولخلق وظائف مستدامة، يمكن النظر في عدة مسارات للتحسين، مع احترام الإطار القانوني:

تقدير العمل التطوعي والمشاركة من خلال إنشاء أنظمة فعالة للاعتراف غير المالي (شهادات تقديرية ، فعاليات ، إبراز الإنجازات الفردية والجماعية).

تطوير ثقافة التقدير والاعتراف داخل الجمعيات.

تطوير أنشطة مدرة للدخل متوافقة مع قانون 1958، من خلال توفير تكاوين تسهل استكشاف مصادر تمويل متنوعة مثل المنح، الدعوات للمشاريع، الرعاية، وبيع المنتجات أو الخدمات غير الربحية المرتبطة بمهمة الجمعية (مثل تنظيم الفعاليات، بيع المنتوجات المحلية في إطار مشروع تنموي، إلخ).

إنشاء جسور نحو الوظائف المدفوعة من خلال تنفيذ برامج تكوين  وتطوير المهارات للأعضاء  والمنخرطين، مما يسهل إدماجهم المهني ، بما في ذلك في التعاونيات أو مبادرات ريادة الأعمال الذاتية المدعومة من الجمعية.

تعزيز الاحترافية في المناصب الإدارية لضمان تعويض عادل ، والاحتفاظ بالكفاءات الأساسية لتطوير الجمعية.

تشجيع الاتفاقيات والشراكات من خلال تطوير التعاون مع جهات فاعلة أخرى في المنطقة (تعاونيات، شركات اجتماعية، سلطات محلية) لخلق تآزر وفرص عمل، مثلا من خلال خلق اتحادات.

الابتكار في النماذج التنظيمية من خلال استكشاف أشكال تنظيمية هجينة تسمح بالتوفيق بين الهدف غير الربحي للجمعية والأنشطة الاقتصادية المولدة للوظائف (مثل إنشاء فرع على شكل تعاونية أو شركة اجتماعية منفصلة ولكن مرتبطة بالجمعية لأنشطة محددة).

الدعوة لتطوير الإطار القانوني من خلال إجراء حوارات بناءة مع السلطات المختصة لتحديد العقبات وتقديم اقتراحات لتعديلات من شأنها دعم تطوير التوظيف المحلي في القطاع الجمعوي، مع الحفاظ على طابعه غير الربحي.

إبراز الأثر الاجتماعي والاقتصادي للجمعيات من خلال توثيق والتواصل حول مساهمات الجمعيات في خلق الوظائف (حتى غير المباشرة)، التنمية المحلية، التماسك الاجتماعي، وتلبية احتياجات السكان لتعزيز شرعيتها وجاذبيتها

الأبحاث الميدانية تسمح بجمع تصورات وتطلعات الأعضاء وتحديد الممارسات الجيدة القائمة وتحليل العراقيل والفرص الخاصة بالسياقات المحلية.

لقد أتاح تاريخ يمتد لأكثر من خمسة عشر عامًا في مجال التنمية المستدامة للمنتزه جيولوجي جبل باني جمع العديد من المعلومات القيّمة، مما مكّن من صياغة توصيات ملموسة ومتكيفة مع الواقع.

نعمل من خلال ذلك على تحديد أمثلة ملموسة توفر رؤية واضحة حول الحلول المعتمدة لتجاوز التحديات المرتبطة بالتشغيل داخل المجتمع المدني المغربي في إطار احترام القانون، مع اقتراحنا لمسارات وأمثلة، مع العلم أن وضعية كل جمعية تظل فريدة، وأن النقل المباشر للتجارب ليس دائمًا ممكنًا.

تثمين العمل التطوعي وتطوير المهارات

الجمعيات المواكِبة لريادة الأعمال:
يمكن لبعض الجمعيات أن تقوم بتكوين متطوعيها في تقنيات تسيير المشاريع، المحاسبة الأساسية، أو التوجيه المهني. هذه المهارات المكتسبة قد تُصبح رصيدًا مهمًا لهم في تحسين فرص تشغيلهم مستقبلاً، سواء داخل الجمعية (في حال إحداث وظائف مأجورة) أو في مؤسسات أخرى. في نفس الوقت، تستفيد الجمعية من خبرة متطوعيها المؤهلين، مما يجعل التطوع استثمارًا في التطور المهني للفرد.

الجمعيات الثقافية أو البيئية:

قد تختار هذه الجمعيات تنظيم تكوينات لمتطوعيها (مثل تأطير الورشات، إدارة الفعاليات، تقنيات التوعية، إلخ). هذه التكوينات، التي قد تكون معترف بها أو تمنح شهادات، تُعزز قيمة العمل التطوعي وتفتح أمام المتطوعين فرص عمل محتملة في القطاعات ذات الصلة.

أنشطة مدرة للدخل متوافقة مع قانون 1958

إنشاء التعاونيات
يمكن للجمعيات أن تُبادر بإنشاء تعاونيات مستقلة أو حتى اتحاديات، لها القدرة القانونية على تسويق منتجات أو خدمات ناتجة عن أنشطتها (مثلاً: جمعية نساء قرويات تؤسس تعاونية لبيع المنتجات التقليدية أو الفلاحية). وتقوم الجمعية بدور الدعم والتكوين والتشبيك لهذه التعاونيات، مع الحفاظ على وضعها كجمعية غير ربحية.

الجمعيات التي تقدم خدمات مدفوعة متخصصة
يمكن لبعض الجمعيات النشطة في مجالات التكوين، الاستشارة، أو تنظيم الفعاليات، أن تقدم خدمات مأجورة لفائدة الشركات أو الجماعات المحلية أو الأفراد، مع الحرص على بقاء هذه الأنشطة مرتبطة بهدفها الاجتماعي، وإعادة استثمار العائدات في مهامها الأساسية. من الضروري الالتزام بالتفريق الواضح بين الأنشطة غير الربحية والخدمات المدفوعة.

الجمعيات التي تطور منصات تمويل جماعي أو بيع إلكتروني أخلاقي:
يمكن لبعض المبادرات الجمعوية إنشاء منصات لدعم مشاريعها ماليًا أو لبيع منتجات محلية أو حرفية، مع تخصيص العائدات لفائدة المنتجين أو لمشاريع محددة (مثلاً: مشاريع حاملة لعلامة منشأ جغرافي). دون أن تشارك الجمعية في الأرباح بمعناها التجاري، بل باعتبارها وسيلة لتحقيق الأهداف التنموية والاجتماعية.

الإحترافية في مناصب الإدارة والشراكات

غالبًا ما تمتلك المنظمات غير الحكومية الوطنية أو الدولية الموجودة في المغرب فرق إدارة احترافية تتقاضى رواتب تنافسية، ممولة من أموالها الخاصة أو من منح أو تمويلات دولية. يمكن أن تُعتبر هذه المنظمات نموذجًا يُحتذى به من حيث الهيكلة وإدارة الموارد البشرية.

ائتلافات الجمعيات
يمكن للكونفدراليات أو اتحادات الجمعيات أن توحد جهودها في إدارة بعض المناصب (على سبيل المثال، مدير إداري ومالي مشترك) من أجل تقليل التكاليف ورفع مستوى الاحترافية في بعض الوظائف الأساسية.

الشراكات مع الشركات الاجتماعية
يمكن لبعض الجمعيات أن تتعاون بشكل وثيق مع شركات اجتماعية يكون هدفها الأساسي أيضًا تحقيق تأثير اجتماعي أو بيئي، مما يخلق تآزرًا وفرص عمل ضمن إطار أكثر « هجينة ».

مبادرات الدعوة من أجل تطوير الإطار القانوني

نظرًا لهذه الملاحظات والتقييمات المتكررة، يتبين أنه من الضروري على مستوى الجهات والأقاليم، وبالنسبة لنا نحن فيما يتعلق بـ »التراب المستدام لجيوپارك جبل بني » (TSGJB) الذي نديره كـ »الجمعية المغربية لتنمية جيوپارك جبل بني » (AMDGJB) بموجب الترخيص رقم 1954-36 بطاطا، أن نقوم بصياغة وتنظيم المنتديات والشبكات الخاصة بالمجتمع المدني الجهوي. هذا ما قمنا به بالفعل في إطار الـTSGJB من خلال كونفدرالية الجمعيات والتعاونيات لجيوپارك جبل بني (CACGJB) من جهة، ومن جهة أخرى من خلال شبكة السياحة المستدامة والقروية لجيوپارك جبل بني (RTDRGJB) كأدوات للسياحة البيئية.

تُعتبر هذه المنصات بمثابة فضاءات للحوار والمناصرة، تتيح تبادل ومناقشة القيود القانونية واقتراح تعديلات من شأنها أن تدعم بشكل أفضل تطوير واحترافية القطاع الجمعوي، مع الحفاظ في الوقت ذاته على خصوصيته.

إن نشر هذه المبادرات لا يمكن إلا أن يساهم في توعية صناع القرار المحليين والجهويين والسياسيين، واقتراح حلول قانونية ملائمة للسياق المغربي.

ومن المهم التأكيد على أن هذه الأمثلة لا تشكل حلولًا شاملة أو عامة، لكنها توضح نماذج من الاستراتيجيات التي تتبناها بعض المنظمات لتمكينها من التكيف مع الإطار القانوني القائم، من خلال خلق فرص عمل أو تعزيز استدامة التزام أعضائها.

ولهذا، فإن العمل الميداني يُعد أساسيًا لتحديد أمثلة ملهمة ومتلائمة مع السياق الخاص بكل جهة أو إقليم.

أما بالنسبة لنا، فقد عملنا في إطار « التراب المستدام لجيوپارك جبل بني » على إحداث وظيفة العون الترابي الجهوي (Ilotier régional) كخطوة عملية نحو هذا التوجه.

ختامًا، وبروح بناءة، لا يسعنا إلا أن نُقرّ بوجود عراقيل حقيقية في الوسط القروي والواحي، ناجمة من جهة عن الغيرة المرتبطة بالنجاحات، ومن جهة أخرى بسبب العراقيل التي تفرضها بعض النخب المحلية التي لا ترغب في قبول الإدماج الاجتماعي والاقتصادي البيئي. كما يجب الإشارة إلى الظلم الذي ينشأ نتيجة الاتفاقات أو عدم الاتفاقات بشأن التوزيع العادل للمنح المحلية المخصصة لمختلف مكونات المجتمع المدني.

من الضروري التفكير في مكافحة الاقتصاد غير المهيكل أو على الأقل إقناع الفاعلين غير الرسميين بالتحول إلى القطاع الرسمي بمساعدة الإدارة المحلية، لتجنب أي منافسة غير عادلة داخل أنشطة المجتمع المدني.

لكن، هذا المسعى لا يمكن ولا يجب أن يقضي على الرغبة والقدرة على المبادرات المحلية المبتكرة التي تستحق أن يتم تسليط الضوء عليها ومشاركتها لصالح السكان الذين يظلون فخورين بانتمائهم إلى أراضيهم، وإلغاء كل التصورات السلبية التي نشأت عند إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH) دون اعتبار حقيقي لأنشطة توليد الدخل (AGR)

باتريك سيمون – رئيس الجمعية المغربية لتنمية لتنمية المنتزه الجيولوجي لجبل باني (AMDGJB)